السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فن كتابة القصة القصيرة فن جميل يقوم على عدة اساسيات يجب معرفتها والالمام بها ... اولأً
ماهي القصة القصيرة؟؟
تعرفها الكاتبة الأمريكيّة الشهيرة ( كاترين آن بوتر ) بأنها تلك التي تقدم فكرة في المقام الأول ...ثمَّ وجهة نظر..... ومعلومة ما عن الطبيعة البشرية بحس عميق ..... وبأسلوب أدبي مكثف ....
طبعا أهم مايحددها ( أي القصة القصيرة ) هي القصة نفسها ......وهذه القصة تكون عادة مختبئة داخل عقل الكاتب في مكان ما من الذاكرة .... وهو يخرجها من مكانها ليصوغها ويقدمها للقراء على شكل قصة مثيرة للإهتمام ...وليست مجرد حدث عادي ... ....
نبدأ الآن بمراحل القصة القصيرة أو تقسيماتها الأساسيَّة
المرحلة الأولى البداية:-
تقول الشاعرة ماريان مور : ( أنا حريصة جدا على الأسطر الأولى ..أكتبها ، أنتقدها ، أقيِّمها لأن أي شاعرٍ أو كاتبٍ للقصة القصيرة يعرف بأنَّ من هذه الأسطر الأولى سينبثقُ خياله ويفيض بالعمل الإبداعي التام ).
إذن فلنعلى من شأن البداية ... فهي الوسيلة التي تشدُّ انتباه القاريء وتجبره على متابعة القصة ..
ولكي نفعل ذلك علينا أن تركِّز النظر على مانكتبه ....
المرحلة الثانيه الحبكه :-
إنها شيء يشبه العصب الذي يجري بطول يرقة الحشرة ، يوجه حركتها وتقدمها نحو هدفها ...كما تصفها هالي بيرنت كاتبة القصة الشهيرة ومؤلفة كتاب ( كتابة القصة القصيرة ) ...
الحبكة في القصة القصيرة تتنوع بتنوع أشكالها ... وهي تتحدد حسب الجو الذي تكتب فيه القصة ..
لنا أن نتساءل : مالذي يجعل من الحبكة حبكةً جيدة ؟...
والإجابة ستكون إنه التماسك الداخلي والمنطق النابع من الحالة نفسها ....ووجهة النظر تلك التي يتبعها الكاتب وهو يقترب من الحدث أو الموقف الدرامي ... فلا يصح أن تختلط الأمور لدى الكاتب ...
محاولة إثارة مشاعر الحزن داخل موقف كوميدي عملية صعبة لايجيدها إلا كاتب متمكن ..كذلك إظهار الإجلال والتقدير لشخصيات مثيرة للمرح ... سيخلق ارتباكا لدى القاريء ...
المرحلة الثالثه الشخصيات :-
من المفروض أن يكون هذا الموضوع عن كيفية وضع النهاية في القصة القصيرة ..
ولكنني لم أستطع أن أختم الموضوع بوضع النهاية دون المرور على الشخصيات التي هي الأساس في العمل القصصي ككل ... والتي تخلق المواقف المختلفة في كل قصة ...بكل صراعاتها واختلافاتها ومفاجآتها ...
كيف ومن أين يحضر كتاب القصة شخصياتهم القصصية ؟...
هذا سؤال مهم ...
الشخصيات ستكون موجودة في خيالك ..أو بالجوار ...أناسٌ تعرفهم منذ زمن ..أو قابلتهم فرسخ شيء من قَسماتهم أو سماتهم في ذهنك .....وقد لايكون للشخصيَّة وجود إلا في خيالك ...
ليس من الضروري أن تحمل الشخصية الحقيقيَّة كماهي إلى قصتك .... زيِّنها بماتريد من صفات وملامح من خيالك ...ولكن دعها تحتفظ بنفس مواصفات الشخصيَّة ..
المرحلة الرابعه .. النهايه :-
هاأنت كتبت قصتك بكل عناية وتركيز... واخترت الجمل وكثفت العبارات وأعطيت الشخصيَّة حقها من الإهتمام .. وراعيت الزمن وتطور الشخصيَّة ... وصارت الفكرة واضحة ومحبوكة ... أوفيها بعض الغموض الذي تسعى إلى كشفه بهدوء ...
وهاهي تسير إلى النهاية التي اخترتها من البداية ..أو فرضت نفسها عليك مع تطور الموقف الدرامي .....
فكما ستلاحظ فإنَّ القصة بعد أن تبدأ فيها تساعد في كتابة نفسها ... وتقدم لك الحلول المختلفة .. التي تأتي من اتحاد التجارب الدفينة واللاوعي المجهول بداخلك ...ومع الوقت ستجد أن فكرتك بعد أن انبثقت وشقَّت طريقها ستجد الحلول المختلفة التي تفتح الأبواب لاحتمالات كثيرة لم تخطر ببالك في البداية ...
قد ترفض بعض هذه الحلول ..وقد تغيـِّر في بعضها قليلا بمايتناسب وفكرتك أو وجهة نظرك الشخصيَّة ...
لكن قد يحدث شيء ما لاتتوقعه ..انقطاعٌ مؤقت .. أوتوقف للحماس الذي بدأت به .... أو شعورٌ بالملل أو الضيق ...
وقد يحدث أن تجد نفسك وقد وصلت إلى نفقٍ مسدود ....فلا تستطيع التقدم ولاحتى التراجع والبدأ من جديد.... ينصح بعض الكتاب المتمرسين بعدم القلق أو الذعر ..وأن لاتجبر نفسك على إنهاء القصة بأي شكل كان ....
خذ فترة راحة ...أو غفوة قصيرة .. محادثة تافهة مع صديق .....أي شيء يبعدك عن جو القصة ..
بعدها عد إلى قصتك.. واندمج فيها من جديد ...اقرأها من البداية متجاهلا أين توقفت ... ابدأ الكتابة من حيث كنت دون قلق أو خوف ...
وقد يحتاج الأمر إلى إعادة كتابتها...افعل ذلك وبتركيز شديد ...
بعد ذلك ستجد أنَّ خوفك قد ذهب ..وأنك قادرٌ على الوصول بها إلى التطور الطبيعي للسبب الذي اخترته من البداية ...
أما كيف تنهي قصتك ...فهذا أمرٌ عائدٌ لك وللحبكة التي اخترتها ...ولتصورك الشخصي للحدث .. ووجهة نظرك الخاصة ..
قد تكون نهاية القصة طبيعيَّة خاضعة للتطور المنطقي للحدث ... حيث تأتي كخاتمة منتظرة ...
وقد تأتي مفاجئة وغير متوقعة ... بل وصادمة أحيانا .....!!
وقد تجعلها نهاية مفتوحة .. تسمح للقاريء بأن يضع لها مايريد من تصورات وتخيلات .....
ليس مهما شكل النهاية ...
ماهو مهم أن تكون ملائمة ومناسبة لفكرة القصة وسيرها وتطورهاالطبيعي أو المفترض ... .
الآن بعد أن تكون وصلت إلى نهاية قصتك ...أعد قراءتها بعين الناقد لاالكاتب ... حاول إصلاح أي خلل فيها بكل هدوء ....
اقرأها وكأنَّ كاتبً آخر قد كتبها ...
قد تحتاج إلى تغيير بعض العبارات ...أو حذف بعض الزوائد ...أو شطب مالايعجبك منها ...أو إطالة بعض الفقرات ...
اقرأ الحوار بصوتٍ عال ..وحاول أن تربطه بالشخصيَّة وطريقة كلامها ...وتطور الموقف أو الحبكة ..
خذ وقتك الكافي لإجراء ماتريد من تعديلات ...
أعد القراءة مرات ومرات حتى ترضى عن ماكتبت ...
قد تحتاج لعرضها على شخص آخر والإستماع إلى حكمه عليها ..
بعد ذلك اكتبها من جديد... وبالصورة التي تجدها أفضل ...
لاتستعن بالصفحات السابقة كما يفعل بعض الهواة ....بل أعد كتابة القصَّة كلها ...
وإذا طبعتها على الكومبيوتر فأعد قراءتها بعد الطبع ... هذا يجعلك تراها بعينٍ جديدة